اسمها سرياني ويعني "الحصن المنيع" أو "القصر المنيع". مجدل سلم بلدة حدودية كانت احدى قرى التماس أو خط المواجهة، إذ شكّل موقعها الجغرافي نعمة لها، ونقمة في آن واحد، فما تعرّضت له من تدمير وتهجير طوال الأحداث والاحتلال، لم يزعزع حصنها المتين، انما زادها صموداً وقوّة.
بلدة الثمانية مساجد (جوامع)، تختزن إرثاً تايخياً يرويه آثارها المكتشفة، من يونانية وروماينة وعربية، غير أن جهل قيمتها الحضارية جعل المكتشفات تندثر وتتلاشى. ويتناقل السكان في ما بينهم روايات واخباراً عن مآثر تاريخية عرفتها البلدة وعايشتها، فللمجدل أهمية تاريخية تتمثّل بأنّها كانت موقعاً سياسياً مهمّاً أو مركزاً للسلطة بحسب تعريفهم. ويؤكّد ذلك اكتشاف أكثر من مئة بئر والكثير من الطرق المرصوفة بالحجارة والتي تؤدّي كلّها الى مركز واحد يدعى "شمعونة" حيث تتجمع معظم الآثار. كما اكتُشفت دهاليز تصل "مركز السلطة" بموقع آخر يُدعى "جيل سليبط.
وتشير الروايات والآثار المكتشفة إلى أن البلدة كانت موئلاً لمسيحيين، بدليل آثار دير قديم في الجبل الذي يُعرف بركبة الدير عند مدخلها. كما توجد بئر تحمل اسم "بير النصارى". ومن الأخبار المتناقلة أن مشكلة وقعت بين الدولة اللبنانية وبريطانيا نتيجة اكتشاف عملة نقدية عليها صورة الإسكندر المقدوني مصنوعة من الفسيفساء وبيعها من تجار وصلت الى بريطانيا، فأصدر الرئيس سليم الحص حينها مذكرة الى الانتربول الدولي لملاحقة المتورّطين.
جغرافياً، ترتفع مجدل سلم 650 متراً عن سطح البحر؛ وتبعد 95 كيلومتراً عن العاصمة بيروت، ونحو 35 كيلومتراً عن مركز القضاء في مرجعيون. وتمتد البلدة على ثماني تلال، وتبلغ مساحتها نحو 24 ألف دونم؛ لذا تعد من أكبر القرى مساحة في المنطقة، ويمكن الوصول اليها عبر ست طرق، وتجاورها مجموعة من القرى؛ فمن الغرب تحدها خربة سلم والصوانة والجميجمة، ومن الشمال تولين وقبريخا، ومن الشرق بني حيّان وطلوسة وحولا، ومن الجنوب شقرا وبرعشيت وصفد البطيخ التي يُقال أن فيها عين مياه تعود ملكيتها الى المجدل أيام الحكم العثماني.
أبرز ما يلفت الزائر إلى مجدل سلم، وخصوصاً لجهة الشرق، هو حرج "وادي السلوقي" الذي لم تطله يد البشر حتى الآن، وتتنوّع أشجاره بين السنديان والبلوط والغار، وهناك نوع مميّز من الشجر يُدعى "القتيل" يميل إلى الإحمرار. اما "وادي السلوقي" أو "وادي الشهداء" فقد اكتسب أهمية بالغة خلال فترة الاحتلال لأنّه كان يشكّل خط تماس ومواجهة بين المقاومة من جهة وقوات الاحتلال الاسرائيلي من جهة أخرى، وكانت مجدل سلم تنال نصيبها من القصف الإسرائيلي الذي أدّى الى تدميرها عدة مرات.
يُكنى سكانها البالغ عددهم زهاء 8214 نسمة بالمتعلّمين والمثقّفين. ويُذكر أن المدرسة الرسمية التي تأسّست قديماً كانت أولى المدارس في المنطقة، إذ أنشأها العالم الديني الشيخ مهدي شمس الدين، وقد تعلّم فيها المرجع الاعلى السيّد محسن الامين وعدد كبير من المشايخ والسادة، ويتميز كثيرون من الجيل القديم في البلدة بحبّهم للشعر والزجل.
عرفت البلدة أسماء لامعة في عالم الشعر منها الفيلسوف الشيخ مهدي شمس الدين ونجله الشاعر علي مهدي شمس الدين (توفي عام 1945) والشاعر الشيخ محمد حسين شمس الدين صاحب قصيدة "الغديرية" وغيرهم. ومنها كذلك السيد أحمد شوقي الأمين رئيس "جمعية علماء الدين"، ونجيب ياسين بطل لبنان وسوريا في المصارعة الحرة (أواسط الخمسينات)، ومحمد إبراهيم شمس الدين المدير العام لمرفأ بيروت سابقا، وغيرهم وغيرهم. اما بالنسبة الى عائلاتها فتبلغ 65 عائلة.
تشكّل زراعة التبغ مورداً رئيسا لأبناء البلدة الى جانب موارد الاغتراب. ونمت مؤخّراً زراعة الزيتون وتربية النحل والدواجن والمواشي.
القسم : بلدية مجدل سلم - الزيارات : 7684 - التاريخ : 28/8/2011 - الكاتب :
hassan kheireddine - france
ebn albalad1/3/2012